تقدم قول الإمام الطحاوي رحمه الله: [قديم بلا ابتداء] وهنالك قلنا: إن القديم ليس من أسماء الله.
ومعلوم أن هناك فرقاً بين باب الأسماء والصفات وبين باب الإخبار، فلا نسمي الله إلا بما سمى به نفسه أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن أسماء الله توقيفية، لكن الإخبار بابه واسع، فـالمتكلمون الذين نصوا على أن القديم من أسمائه مخطئون، والإمام الطحاوي إنما أطلق ذلك من باب الإخبار.
ويظهر ذلك بإضافة العبودية إليه فنقول: عبد الله، وعبد الرحمن، وعبد الحكيم، فلا تضاف العبودية إلا إلى ما ثبت في الكتاب أو السنة، أما المتكلمون في كتب الكلام، فإنهم يطلقون ذلك ويجعلونه من أسماء الله، ويجعلون من أسمائه تعالى: الصانع، والمريد وهذه ليست من أسماء الله وإنما هي من باب الإخبار، كأن نقول: الله تعالى هو الصانع أو المريد؛ فيجوز ذلك إطلاقها من باب الإخبار؛ كما في الحديث: {الله صانع كل صانع وصنعته} وفي الآية: ((صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ))[النمل:88] فورد في حق الله أنه صانع لكنه إخبار، وكذلك: ((فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ))[البروج:16].
فنخبر عنه بأنه مريد، صانع؛ لكن لا نسميه به؛ فلا نقول: عبد الصانع ولا عبد المريد، وهكذا قوله تعالى: (( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ))[الأنفال:30] لا يجوز أن نسميه الماكر، فلا نقول: عبد الماكر، وهنا نلاحظ الفوارق؛ فمن حيث الإخبار الباب واسع؛ أما من جهة العَلَمية فاطلاق الاسم توقيفي، لا يثبت إلا بنص من الوحي.